صعوبات تواجه القارئ
كقراء تواجهنا الكثير من الصعوبات و المشاكل التي تؤثر بشكل مباشر أو غير مباشر على التزامنا بالقراءة وعلى عدم تنفيذ ما يسمى بتحدي القراءة الشخصي أو خطة القراءة السنوية أو حتى قراءة كتاب واحد أو رواية، و سنذكر في هذه المقال مجموعة من الصعوبات التي من شأنها أنه تواجه القارئ و نرفق هذه الصعوبات بحلول تساعد على تجاوزها و تسهل على القارئ القراءة بشكل عادي و متواصل.
عناصر القراءة
عناصر القراءة ثلاثة، وجود رغبة حقيية في القراءة تتولد من القارئ، اختيار كتاب جيد يلائم مستوى الشخص و ميوله، تخصيص وقت مناسب للقراءة يتخذه القارئ عادة يومية، إذا غابت هذه العناصر أو احدها فسيكون هناك خلل في عملية القراءة و يتولد عنه تذبذب في معدل القراءة أو الاستيعاب او حتى فتور في القراءة.
صعوبات القراءة
هناك صعوبات كثيرة تواجه القُراء، منها ما هو متعلق بالقارئ نفسه كمستوى القارئ و رغبته، و منها ماهو متعلق بالكتاب كغلاء الأسعار و صعوبة الحصول على الكتاب و منها ما هو متعلق بالوقت و الانشغالات اليومية، و نقسمها إلى ما يلي:
- عدم توفر الكتاب الورقي
هناك الكثير من القُراء يختارون القراءة من الكتاب الورقي و حُق لهم ذلك، بدلا عن القراءة من الكتاب الالكتروني او الاستماع إلى الكتب الصوتية، رغم ان النوعين الأخيرين سهل الحصول عليهما و استعمالهما عكس الكتاب الورقي الذي قد تواجه القارئ مشاكل بخوصه متمثلة في غلاء الأسعار و ندرة بعض الكتب التي يرغب بقرائتها أو عدم تواجد مكتبات تبيع الكتب أو تعمل بنظام الاعارة، و هذا يؤثر بشكل كبير على بناء عادة قراءة يومية و يؤدي إلى فتور و عدم رغبة في القراءة في نهاية الأمر مالم يتواجد كتاب ورقي.و هناك طرق يمكنك من خلالها ان توفر كتاب ورقي :
- أن تستعير كتب من المكتبات القريبة منك سواء مكتبات مدرسية أو مكتبات عامة، أو تستعيرها من صديق لك يملك كتباً ورقية.
- اقتناء كتب من معارض الكتاب فأسعارها غالبا أقل من أسعار المكتبات.
- مبادلة الكتب، عندما تقرأ كتاب ورقي تتبادل مع قارئ آخر يملك كتاب تريد قر ائته و تحصل على كتاب ورقي .
- بيع و شراء الكتب، عندما تنتهي من قراءة كتاب تقوم ببيعه و تشتري بثمنه كتاب آخر.
- استغلال عروض و تخفيضات بيع الكتب، يمكنك ان تشتري الكتب بأقل من ثمنها الأول.
- عدم إلزامية شراء الكتب الجديدة، الكتب المستعملة كتب جيدة و اسعارها منخفضة مقارنة بالكتب الجديدة و حتى افضل منها في الطبعة احيانا.
- المشاركة في مسابقات قد يحالفك الحظ و تربح من خلالها كتب أو روايات.
- عدم وجود وقت للقراءة
حتى و إن كنا أشخاص مهتمين بالكتاب و نحرص على القراءة فأكيد لدينا مسؤوليات اتجاه العائلة و العمل و كذلك انشغالاتنا اليومية الروتينية أو الظرفية التي تحول بيننا و بين القراءة ما من شأنه أن يبعثر برنامج القراءة لدينا، و هذه العوامل تستهلك الكثير من الوقت و تجعل فرصة وجود وقت للقراءة شبه معدومة.
رغم كل هذه الانشغالات اليومية و ضيق الوقت إلا ان هناك دائما وقت للقراءة مهما قل هذا الوقت، فالقراءة ليست بعدد الصفحات و انما بحجم الاستيعاب الذي يخرج به القارئ بعد جلسة القراءة تلك، لذلك لا تركز على عدد الصفحات و احصل على وقت للقراءة باستغلالك لـــ:
- اثناء ركوبك في وسائل النقل.
- اثناء الانتظار في الطوابير.
- قبيل النوم.
- أيام العطل.
- وضع خطة قراءة سهلة التنفيذ وفق الوقت المخصص للقراءة بقراءة عدد صفحات يسيرة قبل النوم أو في نهاية الاسبوع كنوع من تحدي القراءة.
- عدم اختيار الكتاب المناسب
نعلم ان اختيار الكتاب المناسب يساهم بشكل كبير في فهم الكتاب و الاستفادة القصوى منه و يقوي الرغبة في القراءة اكثر و يحقق هدفك من القراءة،.لكن غالبا يعتمد القراء في اختيارهم للكتب على اختيارهم الشخصي العشوائي او على ترشيح الأصدقاء للكتب دون الأخذ في الحسبان اختلاف الميول في القراءة و اختلاف مستوى القُراء أنفسهم، و هذا يؤدي إلى عدم ملائمة الكتب لمستوى و ميول القارئ و هدفه و بالتالي يحدث نفور من أول صفحات الكتاب ، و طرق اختيار الكتاب المناسب متعددة:
- حدد غرضك من القراءة، قراءة معرفية لزيادة الرصيد المعرفي الثقافي او قراءة للترويح عن النفس و الاستمتاع مثل الروايات او قراءة عملية محاكاة للواقع مثل كتب الزواج و الانجاب، قراءة للبحث و الدراسة..و غيرها من اغراض القراءة، كلما حددت هدفك سهل عليك اختيار الكتاب.
- طلب مساعدة أصدقاء تثق بهم في ترشيح الكتب لك، أصدقاء لهم باع في مجال قراءة الكتب قادرون على اختيار كتب مناسبة لك تستفيد منها و يختصرون عليك الوقت و الجهد في قراءة كتب لا تناسبك.
- تصفح الكتاب من خلال قراءة المقدمة، قراءة الفهرس، مستخلص الكتاب..، و هذه الطرق ستعطي لك فكرة عن محتوى الكتاب ما إذا كان يناسب غرضك و ميولك أو لا .
- طلب المساعدة من عامل المكتبة، عامل المكتبة شخص له خبرة كبيرة و واسعة في عناوين الكتب و مضامينها و مؤلفيها بحكم عمله في مجال الكتب ، و هو أقدر شخص على مساعدتك في اختيار و ترشيح كتاب مناسب لك.
- استخدام مواقع تقييم الكتب، إذا كنت شخص ليس له أصدقاء يرشحون له الكتب و لم تستطع ان تأخذ فكرة من تصفح الكتاب بنفسك، فهناك حل عن طريق استخدام مواقع تقييم الكتب مثل موقع Goodreads و هو موقع مشهور يجمع اغلب الكتب في العالم و يضيف نبذة عن كل الكتب الموجودة به و درجة التقييم التي حصل عليها، بالاضافة إلى مراجعات الاشخاص الذين قرأوا الكتاب و ستتكون عندك فكرة كاملة عن هذا الكتاب.
- القراءة العقيمة
يمكن تعريف القراءة العقيمة على انها قراءة عشوائية لا يجد القارئ فائدة من ورائها لا من قريب و لا من بعيد، و يقول العقاد في هذا السياق أن القارئ الجيد ليس الذي يقرأ كتبا أكثر، و لكن الذي يقرأ قراءة صحيحية، و نجد الكثير من المبتدئين في القراءة يلزمون انفسهم بقراءة عدد كبير من الصفحات في اليوم او عدد كتب معين في الشهر و في اغلب الأحيان يفشلوا في ذلك و يعتبرون القراءة أمرا صعبا، و هذا يدخل ضمن اخطاء القُراء و التي يتوجب عليهم تصحيحها عن طريق اتباع الخطوات التالية:
- الانطلاقة المدروسة في القراءة و اعتماد التدرج من الكتب السهلة إلى المتوسطة ثم الصعبة و كذلك قراءة الكتب يسيرة الصفحات بدلا من المجلدات تجنبا للملل و قلة الاستيعاب و الفهم.
- عدم الاستجابة السريعة للعناوين البراقة أو إلى جملة الأكثر مبيعا في العالم، فأغلبها عناوين تجارية محضة تعتمدها دور النشر لتجذب القُراء فقط، لذلك عليك أخذ فكرة عن الكتاب قبل اقتنائه و قرائته حتى لا يذهب مالك و وقتك بغير منفعة.
- القراءة ضرورة و ليست هواية و الحكم عليها بالفشل من كتاب او كتابين يعد أمرا غبياً، القراءة تحتاج إلى صبر و روية ورغبة حقيقية.
- القراءة بروية و بحضور الذهن و فهم مايقصده الكاتب، و ليس القراءة من أجل انهاء عدد صفحات الكتاب فقط، فالعبرة ليس ما كثرت ما تقرأ و انما بما فهمت.
- عدم الانتقال في القراءة بين كتاب و كتاب، بل الالتزام بإنهاء ما بدأت بقراءته ثم التفرغ بعد ذلك لكتاب آخر تجنبا للتشتت و عدم التركيز.
- النسيان و عدم تدوين فوائد الكتب
كما يقال النسيان آفة العلم ، و العلم صيد و الكتابة قيد ، و هدفنا من القراءة عموما هو التحصيل المعرفي الثقافي و محاولة تجسيد هذا في حياتنا اليومية أو المهنية لتتجلى أهمية القراءة و نفعها، و كثرة القراءة بدون تدوين للفوائد و المعلومات بعد مدة سيصعب تذكرها كلها و بالتالي عدم الاستفادة منها، و عليه لابد من تدوين فوائد الكتب، و يكون ذلك إما على ورقة خارجية ثم توضع داخل الكتاب أو عن طريق الكتابة داخل دفتي الكتاب أو عن طريق استعمال الملصقات الملونة لتحديد رقم الصفحة .
- الملهيات عن القراءة
هي من أكبر المشاكل التي تواجه القارئ و من بين أكثر الأشياء هدراً و استهلاكاً للوقت في وقتنا الحالي هي التلفاز و وسائل التواصل الاجتماعي، أفاد مشاركون في استطلاع للرأي قال 36 % أنهم يشاهدونه من ساعتين إلى 4 ساعات يوميا، وقال 31% إنهم شاهدوا التلفزيون لأكثر من 4 ساعات يوميا، و وفقا لاحصائيات عام 2019 ، قضى الأشخاص 153 دقيقة يوميا على وسائل التواصل الاجتماعي ما يعادل أكثر من 5 ساعات كاملة..! و هذا يؤثر على قراءة كتاب واحد ناهيك عن تنفيذ خطة قراءة و الالتزام بها.
نعلم أننا لن نستغني عن وسائل التواصل و لا عن التلفاز على الأقل في الجانب النفعي منها، و لكن علينا استعمالهما بعقلانية حتى لا يؤثر هذا على صحتنا بالدرجة الاولى كضعف النظر و قلة النوم و غيرها..و كذلك التأثير على برنامجنا اليومي، لذلك يجب وضع خطة قراءة تناسبنا و الالتزام بها بصدق.
- فقدان الرغبة في القراءة
تواجه هذه مشكلة جميع القُراء و تتحدث عن فقدان شهية القراءة او الفتور الذي يصاحب القارئ في القراءة، تحت تأثير الانشغالات اليومية أو الظروف المحيطة بجو القراءة لديه، فتصبح القراءة عنده تحدث على فترات متباعدة و بإقبال ضعيف، قد يكون في البداية أمر طبيعي و يحدث لأي قارئ بصفة دورية، لكن تكرر الأمر يعتبر مشكلة تؤدي إلى العزوف التام عن القراءة او عدم مقدرة الشخص على فتح أو استكمال قراءة كتاب. و للتغلب على هذه المشكلة يجب على القارئ اتباع الخطوات التالية:
- الاختيار الصحيح للكتاب بمعرفة شغفك و ميولك في القراءة.
- اعادة قراءة كتابك المفضل ليبعث فيك روح الحماس و الرغبة في القراءة من جديد.
- اخذ قسط من الراحة بين كل كتاب و آخر حتى لا يصيبك الاجهاد الذهني و العصبي .
- اخلق بيئة محيطة بك تساعدك على القراءة من كتب و أصدقاء تتشاركون المطالعة، انضم إلى مجموعات القراءة في مواقع التواصل، (عصير الكتب ، قهوة 8 غرب، ببلومانيا ) شارك ما تقرأه مع غيرك..
- الاصرار على الانتهاء من قراءة كتاب دون رغبة حقيقية في قراءته يولد فتور في القراءة، لذا عليك تركه جانبا.
- الابتعاد عن الكتب ذات الحجم الكبير و عدد الصفحات الكثيرة لأن هذا ينتج عنه الملل و عدم رغبة في مواصلة القراءة.
كانت هذه جل المشاكل و الصعوبات التي تواجه القارئ، و معها بعض الحلول العملية التي من شانها ان تذلل الطريق للقارئ من اجل ان يستمر في القراءة و يستمتع بالقراءة بطريقة صحيحة مثمرة تعود عليه بالنفع و الفائدة.
تعليقات
إرسال تعليق