كتاب أدب الدين و الدنيا
كتاب أدب الدين و الدنيا هو كتاب نفيس جمع فيه مؤلفه الآداب التي يحتاجها المسلم في أمور دينه و دنياه، الآداب التي يحتاجها المتعلم و العالم و الحاكم في الأخلاق و في السلوك و كذلك أيضا فيما يتعلق بأعمال القلوب و غيرها من الأمور.
المؤلف
الماوردي هو أبو الحسن البصري الشافعي و لقب بالماوردي لأنه من عائلة كانت تمتهن صناعة ماء الورد و بيعه، و هو من علماء القرن الرابع، و لد عام 364من الهجرة و عاش 86 عاما ، لقب بلقب أقضى القضاة و شارك في السياسة و ألف فيها العديد من الكتب الهامة التي كان يحاول من خلالها إصلاح الفساد السياسي الذي كان يسيطر على الخلافة العباسية في أواخر أيامها، و له مؤلفات أخرى في الفقه و في التفسير.
سبب تأليف الكتاب
و قد توخيت بهذا الكتاب الإشارة إلى آداب الدين الدنيا مستشهدا من كتاب الله ما يقتضيه و من سنن رسول الله بما يضاهيه ثم متبعا ذلك بأمثال الحكماء و آداب البُلغاء و أقوال الشعراء لان القلوب ترتاح إلى الفنون المختلفة و تسئم من الفن الواحد.
في بغداد عاصمة الخلافة العباسية بين أفول القرن الرابع الهجري و سطوع القرن التالي لم تكن الأمور تسير على ما يرام فقد كان يسيطر على الأجواء هدوء نسبي لكن رائحة الحطب المحترق توحي بواقع لا يهدأ، انقسامات سياسية، تمرد غاضب ،حلفاء ضعفاء، حاشية تكنز الذهب، صراعات مذهبية ، حكام يتبنون مذهب فقهيا و يحاسبون رعيتهم على مخالفته، المفكرون يملئون الدنيا بالكتب و الشعراء يبدعون شعراً مبهرا و الجواري و القيان يعزفون أجمل الألحان و المساجد تمتلئ بطلاب العلم و حلقات النقاش، السنة و الشيعة و المعتزلة المتصوفة و الفلاسفة صراعات لا تهدأ و جدال طويل ، وسط هذه الأمواج العاتية غرقت سفن بعض المفكرين و هم يسألون أين الطريق الصحيح ؟ يئسوا من الجواب حتى أحرق بعضهم كتبه، و دفناها البعض في باطن الأرض أو مزقوها أو طرحوها في البحر ليأخذها إلى مكان بعيد.
من قلب هذا التلاطم و الثراء أشرف علينا الماوردي بكتبه التي ترفض اليأس و تبحث عن الحل ، نظر الماوردي إلى الإنسان وجده ممزقا بين تيارات و مذاهب مختلفة فقرر أن يتجاوز ضيق المذهب إلى شمولية الإسلام ، فكتب أن الإسلام يسع كل مذهب و الإسلام هو الكل فلماذا الصراعات التي لا تهدأ! أراد أن يعيد للإنسان ثقته بنفسه فأعاد تعريف الإسلام و تعرف الإنسان، رأى الناس بين الانصراف التام إلى الدنيا خاصة عند المتنازعين على السلطة و بين الزهد الزائد عن الحد حتى انصرفوا تماما عنها، عندها أمسك بقلمه و كتب أدب الدنيا و الدين ليبين للإنسان معالم سياسة شاملة قوامها التوازن حيث تجعله يسعد في الدنيا و ينجوا في الآخرة.
الكتاب
يقول الماوردي في كتابه أدب الدين الدنيا أعظم الأمور خطرا و قدرا و أعمها نفعا و رفداً ما استقام به الدين و الدنيا و انتظم بها صلاح الآخرة و الأولى لان باستقامة الدين تصح العبادة و بصلاح الدنيا تتم السعادة، و يقوم الكتاب كله على التوازن انه سبيل لإنقاذ الإنسان من حيرته، التوازن و التكامل بين الوحي و العقل و التوازن بين الالتزام الإسلامي و الانفتاح على الثقافات المختلفة، و يطوف بآداب الدنيا و الدين و العلم و النفس و يضع نظرياته التي تنقذ الإنسان من حيرته و تعيده إلى النقاء الكامل الذي يستمد منه قوته.
الكتاب لغته سهلة و حجمه صغير، كتاب نافع و ممتع و من ميزته انك تستطيع قراءة أي باب من أبوابه دون ان تقرا ما قبله ، يقع الكتاب في 5 أبواب ثم أضاف إليها بعد ذلك باباً سادساً، تناول الباب الأول في فضل العقل و ذم الهوى و بدأ يتكلم عن حسن الثقافة السائدة في عصره و ما معنى العقل و ما مهيته و رأي المتكلمين حوله ثم جعل قرينة فضل العقل مسألة ذم الهوى لان الإنسان ربما يخالف عقله و قلبه و إيمانه اتباعا لهواه الذي يأمره بما يخالف قلبه و تدينه، الباب الثاني تناول فيه المؤلف أدب العلم و توسع فيه كيف يتعلم الإنسان و ما هي أخلاق العلماء و كيفية التعامل مع المعلم و طالبه و كيفية التعامل مع الكتب و ما هي الأساسيات في العلوم التي يمكن أن يأخذ بها الإنسان، ثم بعد ذلك يأتي الباب الثالث و هو في أدب الدين و بدأ يتكلم فيه عن الفرائض و التكاليف و ما يتعلق بها و المواعظ و الحكم التي استفاد منها من أتو بعده كالغزالي و غيره و هذا شئ أكيد يحسب له. ثم بعد ذلك تناول أدب الدنيا في الباب الرابع و يعنى هذا الباب كيف يصلح الإنسان أحواله في الدنيا و قضايا كثيرة أشار إليه مثل قضية طلب المال و الزواج و تربية الأولاد و حاجته إلى الناس كآداب الصداقة و آداب الأخوة التي تعين الإنسان على قضاء حوائجه و آدابه معهم كالبر و الإحسان، ثم يخلص بعد ذلك إلى الباب الخامس و هو أدب النفس من أخلاق و فضائل يتحلى بها الإنسان و المروءة و الحلم كيف يتحلى به و الغضب كيف يبتعد عنه ، المنافسة مع الأقران و الفرق بين الحسد و المنافسة و ينتهي الكتاب باب سادس وضعه المؤلف للمواضعات و الاصطلاحات، هناك أشياء تواضع الناس عليها مثل الصمت و الكلام متى يكون الكلام حسن و متى يكون القبيح غير ذلك، أيضا الصبر و الجزع متى يصبر الإنسان و كيف يمكن أن يبتعد عن الجزع، و نجده يتكلم أيضا عن المشورة و من هم أهل المشورة، يتكلم حتى على أشياء أخرى مثل اللبس و هيئاته و هذا كله ما يصلح به حال الدين و الدنيا.
تعليقات
إرسال تعليق