كتاب شروط النهضة
كتاب شروط النهضة للمفكر و المصلح الجزائري مالك بن نبي رحمه الله، صدر باللغة الفرنسية سنة 1949، و قام بترجمته الى اللغة العربية عمر كامل مسقاوي و عبد الصبور شاهين تحت اشارف مالك بن نبي صاحب الكتاب و صدرت النسخة العربية سنة 1957، كما صدرت للكتاب طبعة ثانية سنة 1960 أضيف اليها بعض التعديلات و الاضافات من طرف الكاتب كإستجابة منه لتعليقات راء الطبعة الاولى.
محتويات الكتاب
الباب الأول: الحاضر والتاريخ
الباب الثاني: المستقبل
العنصر الأول: الإنسان
العنصر الثاني: التراب
العنصر الثالث: الوقت
الباب الثالث : الاستعمار والشعوب المستعمرة
الباب الثاني: المستقبل
العنصر الأول: الإنسان
العنصر الثاني: التراب
العنصر الثالث: الوقت
الباب الثالث : الاستعمار والشعوب المستعمرة
ملخص عن الكتاب
بدأ بن نبي كتابه شروط النهضة القيم برثاء مرحلة من تاريخ الجزائر امتدت بين العامين 25 و 36 كادت ان تحدث فها حركة الاصلاح التي قادها علماء الجزائر حالة من اعادة المجتمع للسير مرة اخرى في موكب التاريخ، فبعد أن خلعت الحركة الاصلاحية عن نفسها رداء الدروشة وسارت في طريق القيام بالواجبات و تغيير الانسان توجهت الحركة صوب السراب السياسي و تحولت الحلول إزاء اوراق انتخابية و حقوق و امانٍ يتنغم بها الخيال.
يشبه بن مالك العالم الاسلامي بمريض يعالجه السياسي بما ظهر من أعراض أمراضه السياسية و الفقيه بما ظهر من أعراض أمراضه العقائدية، و لكن لا خيط ناظم يذهب الى أصل الأدواء و مبعث الداء ليشتغل عليها بدل الانغماس في علاج الأعراض، و يؤكد بن نبي ان الحضارة هي التي تلد منتجاتها و ليس العكس، فليس واجبا لكي نبني حضارة ان نشتري كل منتجات حضار ة اخرى فذاك ممتنع كما و كيفاً، فحتى يركب العالم الاسلامي حضارته في زمانه هذا وجب عليه ان يرجع الى تلك الصيغة التحليلية التي تصنع كل ناتج حضاري، فالناتج الحضاري يساوي إنسان + تراب او مادة + وقت و معلوم ان وجود المتفاعلات غير كاف لحدوث التفاعل في الاتجاه الصحيح المراد، إذ لابد من تدخل مركب يؤثر في مزج العناصر الثلاثة ، هذا المركب ليس سوى الفكر الديني او العقيدة التي رافقت تركيب كل الحضارات في التاريخ، فكما كانت الفكرة الاسلامية مركب الحضارة الاسلامية فكذا الفكرة المسيحية مهدت لحضارة الغرب بالغرم من ان هذه الفكرة لم يكتب لها ان تعمل و تؤثر إلا قرونا بعد ميلادها.
يقول مالك بن نبي عن مراحل الحضارة في كتابة شروط النهضة ان ميلادها بدأ بإخضاع الفكرة الدينية لغرائز الانسان الفطري البدائي عبر تنظيمها في مرحلة روحية، بعد ذلك تتطور الحضار ة و تنشأ مشاكل و ضرورات جديدة في مسارها كنتيجة حتمية لاشعاعها و انتشار افكارها، فتسلك الحضارة في مرحلة ثانية منعطف العقل الذي كون سلطانه على الغرائز أقل من سلطان الروح عليها، ثم ماتلبث الغرائز أن تتحرر فترة و هي مر حلة الغريزة مع انكماش الفعالية الاجتماعية لفكرة الدينية شيئاً فشيئاً، الى ان تصبح عاجزة عن القيام بمهمتها يكون المجتمع قد دخل نهائياً في ليل التاريخ و تمت بذلك دورة الحضارة.
الانسان و هو العامل الاول في تكون الحضارة يساهم فيها بثقافته و عمله و ماله و هي وسائل يجب العمل على توجيهها ،و قد ركز مالك اهتمامه عل مفهوم الثقافة قائلا " إن الفرد عامل اساسي من عوامل الحضارة " قبل ان يتطلع الى المستقبل كان لزاماً عليه ان يحطم تلك الاغلال التي تكبح تقدمه و يصفي ثقافته من الأفكار البالية و من عوامل الانحطاط، هذا ما أطلق عليه مالك بن نبي التحديد السلبي الذي يسبق التحديد الايجاببي الذي يصلنا بدوره بمقتضيات المستقبل ، و بعبارة اخرى يجب على الانسان المتخلف أن ينفك عن الثقافة السائدة في عصر الانحطاط و ير سم معالم ثقافة جديدة تحدد لها طريقا نحو التحضر. و هنا يشدد مالك على الخلط الذي كثيرا ما يقع بين الثقافة و العلم ، فالثقافة تعني مجموع الصفات الخلقية و القيم المجتمعية التي يتلقاها الفرد منذ ولادته كرأس مال اولي في الوسط الذي يولد فيه، انها المحيط الذي يشكل فيه الفرد طباعه و شخصيته ،انها خصائص المجتمع التي يتساوى فيها العالم و الفلاح لانها تعبر عن التقاليد و العواطف و الاستعبادات و الاذواق المتناسبة و المتكاملة في مجتمع ما، و ليست الثقافة علما خاصة بطبقة من الشعب دون اخرى فهي كالدم يحمل كريات بيضاء و حمراء تحمل أفكار العامة و النخبة في دم واحد يغذي حضارة الامة.
إن الثقافة لا علاقة لها بمرض العصر بالتعالم و امتطاء العلم للصعود الى البرلمان او جعله آلة للعيش، و لتحديد ثقافة التحضر لابد من تحديد العناصر الجوهرية التي تتمثل في الآتي:
- الدستور الخلقي: إن أفراد جماعة لن يكونوا وحدة تاريخية و لن يجتمعوا لتكوين حضارة إلا عندما تهذب غرائزهم . روح اخلاقية سامية يقدح زنادها دين ما، و لعله من اكبر مصائب شباب اليوم انه ينظر الى منتجات المدنية الغربية انها نتيجة علوم و فنون و صناعات و ينسى أن كل هذه المظاهر ماكان ان يكون لها وجود لولا صلات اجتماعية خاصة هي اساس خلقي الذي قام عليه صرح المدنية الغربية.
- الذوق الجمالي : الأفكار و الذوق العام لا يتولدان إلا من الصور المحسوسة والمشهودة في الاطار الاجتماعي التي تنعكس في نفس من يعيش فيه بحيث تصبح صورا معنوية يصدر عنها تفكيران، فالمجتمع الذي يحمل بين ارجائه صورا قبيحة لابد و ان يظهر أثرها في افكاره و اعماله و سلوكاته.
- العمل التطبيقي: يؤكد مالك بن نبي ان العقل المجرد متوافر في بلادنا على خلاف العقل التطبيقي الذي يتكون في جوهره من الارادة و الانتباه و الذي يقول و يفكر ليعمل لا ليقول كلاما جميلاً مجرداً.
- الصناعة : تدخل فيها كل الفنون و المهن و القدرات و تطبيقات العلوم، أي بمنطق آخر ماذا يحسن افراد المجتمع فعله ؟ و الترتيب في سلم القيم بين عنصري الثقافة الاخلاق و الجمال في كل حضارة يحدد اتجاهها و نوعية عبقريتها و يطبع انتاجها الادبي.
بعد الحديث عن الثقافة التي تعنى بالانسان يأتي بن نبي الى التراب العنصر الثاني من عناصر الحضارة، التراب من حيث قيمته الاجتماعية المستمدة من قيمة مالكيها، فحينما تكون قيمة الأمة مرتفعة و حضارتها متقدمة يكون التراب غالياً، و حيث تكون الامة متخلفة يكون التراب على قدرها من الانحطاط. ثم يتحدث عن العنصر الثالث من عناصر تكوين الحضارة و هو الوقت الذي يشترك الناس في حظهم منه كما و يتباينون فيه كيفا ، فوجب ان يعرف الشعب العربي الاسلامي قيمة هذا العنصر- الوقت - الذي يحدد معنى الانتاج و التأثير.
اخيراً يؤكد مالك في كتاب شروط النهضة أن للانسان قيمة خامة طبيعية لا سلطان لأحد عليها من خارج الانسان الا ان يكون العطب داخلياً، و قيمة خارجية صناعية اجتماعية تشكل البيئة التي قد تحوي مجموعة من العراقيل التي لا تتيح لمواهب الانسان ان تاخذ مجراها الطبيعي نحو النبوغ، فإذا انصلحت القيمة الاولى انصلحت الثانية تدريجياً، عبر تكاتف عمل الافراد على انفسهم و سلوكهم، بعبارة اخرى اخرجوا المستعمر من انفسكم يخرج من أرضكم .
تعليقات
إرسال تعليق