القائمة الرئيسية

الصفحات

أدب الرسائل

أدب الرسائل


أدب الرسائل




يعد أدب الرسائل لونا أدبيا قديماً و قائما بذاته، و هو فن نثري يظهر كفاءة الكاتب و موهبتة الكتابية و وروعة أساليبه البيانية القوية، و يشمل جميع موضوعات الرسائل النثرية الفنية المتبادلة بين الناس، و تندرج تحته انواع من الرسائل المختلفة في موضوعاتها و أساليبها، و المتنوعة في أغراضها و مقاصدها،  وقد ازدهر و ذاع صيته في القرنين الثالث والرابع الهجريين، في وقت كانت القراءة و الكتابة أقل انتشارا و شيوعاً عند العرب في الجاهلية، و لم يكن لأدب الرسائل دور بارز في حياتهم الاجتماعية و الادبية على خلاف الخطابة و الشعر و الامثال التي كانت منتشرة بكثرة عندهم في ذلك الوقت.

أدب الرسائل في التراث العربي

يزخر التراث العربي بالكثير من النماذج التي تدل على استعمال و تواجد هذا النوع من الأدب في الأزمان الماضية، وغالبًا ما كان التراث حافلًا برسائل بين العشاق و رسائل بين المتخاصمين، ثم بعد ذلك ظهرت رسائل الحُكم بين الحكام بعضهم لبعض، ، و قد سجلت هذه النوعية من الرسائل أعلى انتشار لها لدرجة أن تلك الرسائل لا تزال محفوظة حتى وقتنا الحالي، و قد اشتهر الحكام براعتهم في ايجاد هذا الفن او حتى الذين لا يجيدون كانوا يستعينون بكتاب متخصصين يعينونهم في الديوان من اجل غرض كتابة الرسائل على وجه خاص.

مع مجيء الاسلام و اول آية نزلت من القرآن هي " إقرأ "، تغير الحال و أصبح الرسول الله صلى الله عليه و سلم يشجع المسلمين على تعلم القراءة و الكتابة كما اتخذ من يدونون له القرآن، و يكتبون له الرسائل التي كان يبعث بها الى ملوك الدول و رؤساء القبائل و زعماء المناطق، يأمرهم فيها بدخول الاسلام، إلى جانب الرسائل التي تخص سياسة الدولة و اعطاء تعليمات و توجيهات  لإدارة الحروب و الغزوات و تنظيم الحكم .

عند قيام الدولة الاسلامية تم إنشاء ديوان الرسائل، و تم تخصيص هذا الديوان لاجل العناية بشؤون المُكاتبات التي يصدرها الخليفة لامرائه و ولاته و قادة الجيش و الى ملوك الدول الأخرى، و قد اتسم بالبساطة و الوضوح و اخذ شيئا فشيئاً يتصنع و يتانق حتى شهدت في عهد هشام بن عبد الملك نقلة كبيرة و راعة في فن الترسل و صار يضرب بها المثل في الاتقان و الجودة. و بعد قيام دولة بني العباس صار الاهتمام و العناية اكبر بفن الرسالة و كثر كُتاب الرسالة في ذلك الوقت و نبغ كثير منهم في هذا الفن و كانت حقبته الذهبية القرنيين الثالث و الرابع هجري.

أدب الرسائل في العصر الحديث


رغم أن أدب الرسائل لا يلاقي رواجاً و شهرة في الوقت الحالي مقارنة بفترته الذهبية و لا يتمتع بنفس القوة التي كان يتمتع بها سابقاً ،إلا أنه في نفس الوقت لا يُمكننا تجاهل القوة الملحوظة التي شهدها أدب الرسائل من خلال رسائل مي زيادة وغسان الكنفاني، فقد أحيا هؤلاء و ضربوا المثل لهذا الفن الأدبي في العصر الحديث، كذلك رسائل كافكا وميلينا لا يُمكن تجاهل رسائلهم على الرغم من كونهما ليسا في العصر الحديث للأدب بنسبة كبيرة، لكن درجة الحداثة معقولة بحيث تضعنا أمام تجربة تستحق الوقوف أمامها، و بسبب غياب أي عمل أدبي في أدب الرسائل و تحت شعار حتمية التواجد فقد تم اللجوء الى إعادة نشر وتوزيع هذه النماذج من ادب الرسائل التي تعتبر في الوقت الراهن هي الأعمال الأبرز و الأكثر تأثيرا.

خصائص أدب الرسائل

تنفرد الرسالة الفنية بخصائص تفرضها طبيعتها زيادة على الخصائص التي تكتسبها من فنها النثر الأدبي،  و باعتبارها جنساً أدبيا فهي تستند إلى مكونات وسمات تميزها عن غيرها من الأجناس النثرية الأخرى.

1- البراعة في عرض الأفكار و تسلسلها والدقة الكبيرة في تنظيمها نظراً لاهمية المواضيع التي عالجتها الرسائل في تلك الفترة الزمنية.
2- من الخصائص التي اتسمت بها الرسالة في فترة توهجها الصدق الاحساس وحرارة العاطفة خصوصا عند تحزب المسلمين للكتل السياسة المواليين لها، و قد دفعهم ذلك للدفاع عن جهتهم عن طريق القلم و الرسائل اتي اتسمت بطابعها السياسي.
3- التنوع الفني الخصب في التصوير والتانق في الخيال الذي يعتبر ركن مهم من اركان النص الادبي و الذي أخذ من وحي و عطاء البيئة الصحراوية.

تلح الضرورة إلى دراسة معمقة لفن الرسالة ولأنواعه و في مختلف العصور أيضا، وذلك لمعرفة ما مر به من تحولات، و أيضاً لتحديد الخصائص التي اكتسبها في كل مرحلة من مراحل تطوره، والتي تنوعت وقتها بين  لفظية ،أسلوبية ، دلالية ،و حجاجية، و التي تسهم كلها في اعطاء جمالية للرسالة، وتعزيز دلالاتها وتعميقها، والرفع من قدراتها الإقناعية وقوتها التأثيرية.
هل اعجبك الموضوع :

تعليقات

التنقل السريع