القراءة المتخصصة
نجد الكثير من الناس في حيرة من أمرهم يقرؤون و يبذلون جهوداً في القراءة و لكنهم لا يجدون ثمرات القراءة و يختلط عليهم الأمر ماذا يقرؤون و ماذا يتركون، و في نظر عبد الكريم بكار أن لا حل لهذه المشكلة إلا القراءة المنظمة و لا تكون منظمة و معقولة و منطقية و مصوغة الا اذا كانت قراءة متخصصة.
لو قُدر لك أن تقرأ في كل أسبوع كتاباً مدة ستون سنة متواصلة فستقرأ ما مجموعه ثلاثة آلاف كتاب، و بالمقارنة مع احصاءات قامت بها مجلة المعرفة ان الاتحاد الاوربي قام بعملية تنزيل مايقارب مليارين و مائة مليون كتاب من اجل خدمة القُراء و الباحثين في أوربا، وقد ساعد في رفعها ربع مليون شخص على الشبكة العنكبوتية، وبهذه الاحصائيات فجهلنا يومياً يزيد لأن ما ينبغي ان نطلع عليه اكبر بكثير مما يمكننا فعلا ان نطلع عليه،و بالتالي فما نجهله لا يتقلص و إنما يزيد.
القراءة المتخصصة هي ان تختار علماً من العلوم و تكثف مطالعاتك فيه بنية الكتابة في هذا العلم و إضافة الفائدة اليه، و هذا طبعا لا يعني ان يصبح الانسان جاهلا بباقي العلوم، لكن يعطي ما نسبته 60% من إهتمامه و وقته و قرائته و تفكيره و جهده الذهني الى الاختصاص الذي اختاره لنفسه شرط ان يكون علم ذو فائدة له مستقبل، يخدم الناس و يخدم المجتمع و يقدم فائدة للأمة و ليس تخصصا مُدبراً، و تبقى 40% يخصص منها 20% للثقافة الشرعية و الباقي للثقافة العامة.
ربما هذه تجربة الجميع أنه في بداياته كان يقرا في كل شيء، لأن من سنن الله في الخلق و من طبائع الأشياء أن الانسان لا يهتدي الى هدفه و أداته و تخصصه الذهبي إلا بعد وقت و تجربة و محاولة و خطأ و صواب و صعوبات كثيرة تواجهه في طريقة، حتى ينتهي الى الشيء الذي ينبغي ان يفعله او العلم الذي ينبغي ان يتخصص فيه.
العلم و القراءة بحر لا ساحل له، و قد تكون القراءات الأولى مهمة في حياة الانسان لتكوين ثقافة عامة يرتكز عليها في مستقبل حياته، و قد ثبت أن إنغلاق أهل تخص على تخصصهم هو شيء ضار للغاية، لان التخصصات يجب ان تنفتح على بعضها و خاصة التخصصات القريبة من بعضها التي تشتغل في حقل معرفي واحد كالعلوم الانسانية، الفيزياء و الكيمياء و الطب و غيرها من العلوم،و لابد في نهاية المطاف من التركيز على التخصص الذي اختره لنفسك.
القراءة الحرة او القراءة العامة جميلة و هي ماتجمل القارئ و تجعله يطلع و يكون ثقافة واسعة، و لكن لابد في مرحلة ما أن نتقدم خطوة ليزازد عمق الفهم و الادارك لما تقرأ، و لتزداد جدوة قراءاتك لابد ان تتخصص، لتصبح مرجعاً لغيرك من الناس،عن طريقك معرفتك للعلوم و التخصصات التي تميل لها و تخصص فيها، قد يكون أكثر من مجال واحد بحكم تقارب بعض العلوم من بعضها، و خصص أغلبية القراءة و الوقت لهذا التخصص دون اهمال القراءة في باقي المجالات و لكن بنسبة اقل، و تضييق دائرة المجال تضيق معها اختيارات الكتب فيصبح من السهل اختيار الكتب الجيد التي تساعد على التعمق في هذا التخصص.
تعليقات
إرسال تعليق